فاميليا

في يومه العالمي الكمان يروي تاريخه في دار الكتب بين البحث والعزف الحي

في إطار دعم وزارة الثقافة للفنون الرفيعة وتعزيز الوعي الموسيقي، نظمت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية محاضرة ومناقشة بمناسبة اليوم العالمي للكمان، وذلك بقاعة علي مبارك، تحت رعاية الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، رئيس مجلس إدارة الهيئة، وبتنظيم قاعة الموسيقى بدار الكتب.
بدأت الفعالية بالسلام الجمهوري، في أجواء احتفالية عكست تقدير الحضور لقيمة الموسيقى ودورها في التعبير الإنساني، ثم تولت الأستاذة رشا أحمد، مدير قاعة الموسيقى، إدارة المناقشة، مرحبة بالحضور ومؤكدة أهمية الاحتفاء بآلة الكمان باعتبارها واحدة من أكثر الآلات الموسيقية قدرة على التعبير عن المشاعر الإنسانية عبر العصور.
وقالت الأستاذة رشا أحمد في كلمتها إن الاحتفاء بالكمان هو احتفاء بآلة لم تكن يومًا مجرد أداة موسيقية، بل كانت ولا تزال صوتًا حيًا للمشاعر الإنسانية عبر التاريخ، مشيرة إلى أن اللقاء لا يقتصر على كونه محاضرة أكاديمية، بل يمثل رحلة موسيقية في تاريخ آلة الكمان وتطورها وأبرز مدارسها العزفية. وأضافت أن قاعة الموسيقى تحرص على الجمع بين المعرفة النظرية والتجربة السمعية الحية، من خلال فقرات عزف مباشر تُترجم الكلمات إلى ألحان، كما أعربت عن سعادتها بمشاركة ملهمة من العازفة الشابة إيريني أشرف، التي تعكس أن الإبداع لا يعرف حدودًا.
وأعربت الفنانة هدى رضوان، عازفة الفيولينة بأوركسترا القاهرة السيمفوني وناقدة موسيقية، عن سعادتها بالمشاركة في هذه الفعالية، مؤكدة أن دراسة تاريخ الآلات الموسيقية، أو ما يُعرف بعلم الآلات، تمثل مدخلًا مهمًا لفهم تطور الحضارات الإنسانية، وأوضحت أن الآلة الموسيقية ليست مجرد وسيلة لإنتاج الصوت، بل وثيقة تاريخية تعكس طبيعة المجتمعات التي نشأت فيها وانتقال الثقافات من مدينة إلى أخرى عبر العصور.
وأضافت رضوان أن الآلات الوترية ذات القوس مرت بمراحل طويلة من التطور، بدءًا من أشكال بدائية استخدم فيها الإنسان أغصان الأشجار والأوتار الطبيعية، ثم تطورت تدريجيًا مع تطور المجتمعات الإنسانية، حتى وصلت إلى أوروبا، حيث لعب العرب دورًا محوريًا في نقل هذه الآلات وتطويرها، خاصة عبر الأندلس، قبل أن تتبلور لاحقًا في شكل عائلة آلات الفيول التي انبثق منها الكمان بشكله الحديث.
وأشارت إلى أن التاريخ الإسلامي، رغم دوره المهم في تطوير الآلات الوترية، لم يترك مصادر مكتوبة كافية، وهو ما يجعل تتبع الأصل التاريخي لتلك الآلات تحديًا علميًا، إلا أن النقوش واللوحات الفنية والآثار المادية تؤكد التأثير العربي الواضح في تطور آلة الكمان والآلات الوترية ذات القوس في أوروبا.
وخلال المحاضرة، قدمت الفنانة هدى رضوان عرضًا أكاديميًا وفنيًا تناول نشأة آلة الكمان وتاريخ تطورها عبر العصور، وشرحًا مبسطًا للبناء التشريحي للآلة، مؤكدة أن جودة الخامات المستخدمة في صناعتها تلعب دورًا أساسيًا في نقاء الصوت وقوته، وهو ما ينطبق على الكمان وجميع الآلات الوترية، التي وصلت إلى شكلها الحالي عبر قرون من التجربة والتطوير.
وتخللت المناقشة فقرات عزف حي أضفت طابعًا تفاعليًا على الفعالية، حيث قدمت العازفة الشابة إيريني أشرف معزوفة غربية في منتصف الندوة، أسهمت في ترجمة المحتوى الأكاديمي إلى تجربة سمعية مباشرة نالت استحسان الحضور. كما شاركت الفنانة هدى رضوان بالعزف داخل القاعة من خلال تقديم مقطوعة شرقية، عكست الخصائص التعبيرية لآلة الكمان وقدرتها على أداء الأنماط الموسيقية المختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى